عالم شباب سوريا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أجوال الجاهلية الجانب الديني

اذهب الى الأسفل

أجوال الجاهلية  الجانب الديني Empty أجوال الجاهلية الجانب الديني

مُساهمة  Zeino الخميس يناير 10, 2008 11:40 am

الجانب الديني:
كان الناس قد انسلخوا من دين الله تبارك وتعالى وجاهروا بالشرك الصريح، وصاروا لا يعرفون الله عز وجل إلا في وقت الشدة، فإذا ألمت بهم شدة وأدركتهم الخطوب وضاقت بهم الأبواب لجؤوا إلى ربهم تبارك وتعالى فدعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون! وهذا عنوان الاستهزاء والسخرية برب العالمين تبارك وتعالى، إنه دليل على أن قضية الشرك في عبادة الله تبارك وتعالى كانت ترتكب عند هؤلاء عن عمد وسبق إصرار، فهاهم حين تدلهم بهم الخطوب وتضيق بهم السبل يعلنون التوحيد لله تبارك وتعالى . وحين سأل النبي  أحدهم قال:" كم إله تعبد اليوم؟" قال سبعة: ستة في الأرض وواحد في السماء، قال:"فمن الذي تعد لرغبتك ورهبتك؟" قال الذي في السماء، كان أولئك كما حكى أبو رجاء العطاردي رضي الله عنه : كنا في الجاهلية إذا لم نجد حجراً جمعنا جثوة من التراب وجئنا بالشاة فحلبناها عليه ثم طفنا بها. إن هذه قيمة الإله عند أولئك، الإله هم الذين يصنعونه، حينما يأتي أحدهم إلى الصحراء يبحث عن حجر ليعبده، فيأتي فيختار أربعة أحجار، فيبحث عن أحسنها وخيرها، فيجعله إلهاً له فيعبده ويسجد له ويركع له ويعلق مصيره وحياته به، ثم يأخذ الثلاثة الأخر فيجعلها أثافي لقِدْره؛ فيضع قِدْره عليها ويشعل تحته النار! إن إلهاً يستوي مع حجارة تحمل قِدْراً ويشعل عليها النار لإله لا قيمة له، ومع ذلك أصبح يُسيِّرحال هؤلاء ويعلقون مصيرهم وحياتهم في دنياهم وآخرتهم بهذه الحجارة التي هم يختارونها.
وربما كان إلهاً مصنوعاً مما يؤكل ويطعم، فتلم بهؤلاء مجاعة فيشعرون أن المحافظة على بقائهم خير من بقاء إلههم فيأكلونه، كما يحكي الشاعر مصوراً حال قبيلة من تلك القبائل :
أكلت حليفة ربها زمن التقحم والمجاعة * لم يحذروا من ربهم سوء العواقب والتباعة
نعم إن إلهاً يأكله هؤلاء إذا جاعوا لإله لا قيمة له ولا وزن له، ومع ذلك كانت هناك الطواغيت الكبرى، كانت هناك اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى أفرأيتم اللات والعزى ومنات الثالثة الأخرى كان هناك ود وسواع وإساف ونائلة، كانت تلك الأصنام التي تصنع لها البيوت ويحج إليها الناس ويسعون إليها وتنذر لها النذور وتقدم لها القرابين، و يستقسم بها أولئك ويحلفون بها ويعظمونها ولهذا كانت يمينهم واللات والعزى.
إن هذه الصورة العجيبة من خضوع هؤلاء لآلهة يصنعونها وآلهةً ربما يأكلونها إذا جاعوا، لتدل على فطرة العبودية أصلاً لدى البشر، وأن البشر مفطورون على العبودية والذل والخضوع، فإن لم يعرف البشر إلههم الحق ويتعبدوا إليه فسيتعبدون لإله باطل، بل إله يصنعونه وهكذا خلق الله عز وجل الإنسان عبدا لاتستقيم حياته إلا بالعبودية والذل والخضوع، فإما أن يذل ويخضع ويعبد ربه تبارك وتعالى أو حتماً سيذل ويخضع ويتعبد لغير الله عز وجل .
وكان أولئك يشركون بالله عز وجل شركاً من نوع آخر في التشريع والتحليل والتحريم، فكانوا يتخذون أحكام الله هزوا، فيبيحون ويحرمون، فجاء القرآن مصرحاً في الحديث عن أن هذه من صور الشرك بالله تبارك وتعالى وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراءً عليه كان هذا شأنهم يعتدون على حق الله عز وجل في التشريع فإن الله عز وجل كما قال عن نفسه:  فاعبده وتوكل عليه وقال عز وجل : إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه  لهذا لا فرق بين من احتكم إلى غير شرع الله وبين من عبد غير الله عز وجل فقد جمعهما تبارك وتعالى في آية واحدة  إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه،وتوعد القرآن المسلمين حين يستجيبون لطريق أولئك في التشريع والتحليل والتحريم والحكم بغير شرع الله عز وجل، توعدهم أنهم إن فعلوا شيئاً من ذلك ولو في قضية واحدة أنهم سيقعون في الشرك  ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون  فلئن أطاع المسلمون المشركين في هذه المسألة وهذه القضية المعينة؛ فاستباحوا هذه الميتة التي حرمها الله عز وجل فهم مشركون بنص القرآن. ويأتي التأكيد لهذا الحكم بحرف التوكيد (إنكم) ثم يأتي أيضا باللام التي تدل على التأكيد (ولئن أطعتموهم إنكم لمشركون) لئن أطاعوهم ليس في أكل الميتة، إنما في استباحة الميتة واعتقاد أن الميتة وقد حرمها الله عز وجل حلال.
ومن اعتدائهم على حرمات الله عز وجل أن يعتدوا عليها في الأشهر الحرم فيقول تبارك وتعالى  إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله  .
ومن صور الشرك والتشريع لديهم: البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وهي كلها خرافات لا تعدوا أن تكون من نسيج عقلية أولئك المشركين الضالين الزائغين عن منهج الله تبارك وتعالى، هكذا كان أولئك في ذاك الوقت وفي ذاك الزمان، هذه نظرتهم للإله وهذا منهجهم في التشريع والاحتكام.
ثم بعث الله عز وجل محمداً  فيأتي أحدهم أمام النجاشي ليقول: إنا كنا قوما نأكل الخنافس ونأتي الفواحش ويقتل بعضنا بعضاً حتى بعث الله نبيه محمداً  . ويأتي أحدهم رستم ليقول له: إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ما هي إلا أيام وقد حمل هؤلاء الرسالة، وعمت الهدايةُ الجزيرةَ كلها بعد ذلك وأشرق فيها النور، وصارت كلها خاضعةً لله تبارك وتعالى معلنة التوحيد، وانطلقت سيوف الموحدين لتطفئ نار المجوسية وتكسر صليب النصارى، وتنطلق هنا وهناك حتى كان أصحاب النبي  الذين صحبوه، تحكى أخبارهم هنا وهناك؛ فابن عمر –رضي الله عنهما- يصل إلى أذربيجان وأبو أيوب الأنصاري –رضي الله عنه- يدفن تحت أسوار القسطنطينية، ويصل سائر أصحاب النبي  في المشرق إلى بلاد ماوراء النهر، وفي المغرب إلى المحيط، حتى مامضى ذلك الجيل إلا وقد أطفئت نار المجوسية، وكسر صليب النصارى وأعلن الكون الخضوع لله تبارك وتعالى، وصارت الكلمة في ذاك الوقت كلها لكلمة التوحيد لا إله إلا الله.
إنها نقلة عظيمة بعد تلك الحال التي لم تكن حال أسوأ منها، ولا يمكن أن يتردى البشر إلى منزلة من الحضيض في الشرك و الطغيان أكثر من تلك المنزلة، ثم ما لبث أولئك أن تجاوزوها وتركت الدعوة والتربية النبوية أثرها الفعال في ذلك الجيل الذي نشر دين الله عز وجل وقضى على كل مظاهر الشرك والطغيان التي كانت سائدة في العالم آنذاك.
Zeino
Zeino
Admin
Admin

المساهمات : 226
تاريخ التسجيل : 03/01/2008
العمر : 32
الموقع : http://www.banfahem.jeeran.com

http://banfahem.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى