قلعة المرقب وصف الموقع

الوحدة
سياحة
الاثنين 19 / 12 / 2005
جمال حيدر
تشكل التحصينات الدفاعية والقلاع الحربية المنتشرة على قمم الجبال التي ترافق الساحل من جبال طوروس وحتى اطراف سيناء جنوباً اوابد أثرية رائعة تعود بمجملها إلى العصور الوسطى استدعى وجودها الصراع العربي - البيزنطي واحداث الحروب الفرنجية .
ومن اهم تلك القلاع قلعة المرقب الواقعة على بعد 35 كيلو متر إلى الشمال من مدينة طرطوس بالقرب من مدينة بانياس الساحلية .‏
وصف » راي « وهو احد الرحالة الاجانب قلعة المرقب التي زارها في القرن التاسع عشر بقوله » المرقب اشبه بمدينة فريدة من نوعها , تقع على صخرة كبيرة مشرفة على كل ما حولها يمكن الوصول اليها في حالة النجدة ولا يمكن الوصول اليها اثناء القتال , النسر والصقر وحدهما يمكنهما التحليق فوق اسوارها «.‏
كما ورد تعريفها في معجم البلدان لياقوت الحموي » انها اي المرقب هو اسم الموضع الذي يرقب منه , بلد وقلعة حصينة تشرف على ساحل بحر الشام وعلى مدينة بانياس « .‏
» اطلق عليها بالعربية اسم المرقب (Marqab) وباليونانية ماركوبوس‏
( Markappos) ومارشابين (Marchappin ) وبالفرنجية مرغات ( Margat) ومارغاتوم (Margathum ) ومرغانت ( Margant) ...الخ .‏
تاريخ البناء‏
شيدت القلعة فوق ذروة جبل متاخم للبحر , تتخذ الشكل الثلاثي لمحيط قمة التلة وقد تنافس عليها البيزنطيون والعرب طوال القرن الحادي عشر الميلادي .‏
ورد ذكر القلعة في المصادر العربية عام 1047 م عن بانيها الاول حيث اقيمت على اثر بناء قديم في عهد هارون الرشيد وفي عام 1062 م ذكرت المصادر العربية أن اول من بناها هو رشيد الدين بن سنان شيخ القبائل العربية الجبلية التي تقيم في المنطقة وفي عام 1104 م شغلت القلعة من قبل القوات البيزنطية اما في عام 1116 - 1118 م فقد تخلى عنها صاحب المرقب بن محرز إلى روجير امير انطاكية بعد مفاوضات طويلة مقابل ولاية اخرى وبدوره روجير اهداها إلى اسرة مانيسوير وفي عام 1170 م اصاب القلعة زلزال ثم انتقلت في عام 1186م إلى حيازة الاسبيتارية مقابل اجر سنوي .‏
وفي عام 1188 م مر صلاح الدين بالقلعة في طريقه إلى شمال سورية ولكنه لم يهاجمها بسبب اصحابها الجدد من الاسبيتارية لما قاموا به من اصلاحات واسعة وفي عام 1204 م حاصر القلعة سلطان حلب الملك الظاهر غازي ودمر اجزاء منها .‏
احتلال العرب قلعة المرقب‏
قام السلطان قلاوون بتجهيز المجانيق والات الحديد والنفط والنشاب وشرع بالمسير حتى ظهر امام القلعة في 17 نيسان 1285 م ونصب المنجنيقات وادوات الحصار وبدأ القتال واشتد الحصار والقتال حتى بدت الثغرات في الاسوار وايقن الفرنج انهم قتلى فطلبوا الامان لانفسهم بعد دفاعهم عن القلعة اكثر من 35 يوماً وقد اجاب السلطان قلاوون بالعفو والامان رغبة منه في بقاء الحصن كما وافق لاهل المرقب بالخروج من القلعة مع كل ما يستطيعون حمله من خمسة وخمسين حصاناً وبغلاً محملين بما يرغبون وعلاوة على ذلك سمح لكل فارس بحمل الفين قطعة ذهبية .‏
وكان لهذا الفتح العظيم اثره على كافة الاقطار العربية حيث عمت البشائر بالنصر العظيم بعد ذلك استخدم السلطان قلاوون القلعة كمركز للتحركات العسكرية ضد الصليبيين ووضع فيها حامية قوية واصبحت مركز لولاية هامة ربطت بأمارة طرابلس ويخلد ذكر فتح القلعة كتابة تذكارية على البرج الامامي الجنوبي هذا نصها :‏
غزا هذه القلعة المحروسة وبنى هذا البرج المقدس .. السلطان ... قلاوون في اشهر سنة 684ه¯ - 1285 م .‏
منشآت القلعة وبنيانها‏
تتألف القلعة من سور مزدوج محصن بأبراج نصعد اليها بواسطة درج يؤدي إلى مدخل ثم ردهة » البرج المربع « تمتد الابراج على محيط القلعة وتسيطر على ساحات واسعة وقد زودت بمرام للسهام والحجارة .‏
البرج الواقع في الشمال الشرقي شيد زمن سيطرة العرب على القلعة اما البرج الجنوبي فقد شيد في عهد قلاوون وقد حفر خندق عميق عند الجهة الشرقية من القلعة لتأمين الحماية والمنعة لها , ومن منشآت القلعة المسجد والثكنة اضافة إلى اسطبلات ومخازن ومستودعات .‏
اما الكنيسة :‏
وهي عبارة عن بناء مستطيل الشكل يعود تاريخها إلى نهاية القرن الثاني عشر الميلادي وقد تحولت إلى مسجد بعد الفتح العربي الاسلامي وقد اتبع البناؤون في بنائها مخطط الكنائس التي انتشرت في اوربا في القرن الحادي عشر يبلغ طولها 23,64 متر وعرضها 9,9 متر ولها ست نوافذ تساعد على التهوية والانارة اما البهو فهو يتألف من ردهتين مرتفعتين ينتهيان في صدر الكنيسة ذي الحينة المستديرة وتستند عقود الكنيسة على دعائم يفصل الرواقين قوس متين يرتكز على عمودين يعلوهما تيجان كورنثية .‏
الاهمية التاريخية والحضارية‏
شهدت القلعة خلال السنوات العشر الاخيرة ما بين 1995 - 2005 اعمال ترميم واظهار هامة تناولت ترميم المفقود من حجارة القلعة البازلتية مع اعادة تكحيلها وتقويتها بملاطات تقليدية وعمليات عزل للاسطحة حماية لها من العوامل الجوية كما تضمنت اعمال الترميم اعادة فك وتركيب الحجارة المتحركة الضعيفة مع حشوها بالمونة التقليدية وتكسير الصبات البيتونية الدخيلة اضافة إلى اعمال دهان مائي للجدران الداخلية في قاعة الديوان مع تركيب منجور خشبي واعمال انارة وحفر وترحيل اتربة وانقاض وردميات .‏
اما الان ونظراً لاهمية القلعة تراثياً وطبيعياً فقد ادرجت على قائمة مشروع اليورميد التابع لاتحاد دول اليورميد وهي اسبانيا واليونان وسوريا والبرتغال والجزائر ومصر ويهدف هذا المشروع إلى توثيق التراث الدفاعي لدول البحر الابيض المتوسط والمحافظة على القيمة الاقتصادية والحضارية للمواقع الدفاعية المطلة على مسطحات مائية .‏
وقد تم تخصيص اموال كبيرة لمشروع القلعة الذي تم وضعه وفق خطة مدروسة تتضمن اعمال دراسة وتوثيق واجراء اسبار اثرية ثم يليها البدء بأعمال الترميم التي ستنفذ كل عام .‏
المصارد والمراجع‏
1- اكرم ساطع القلاع والحصون الاثرية في سوريا دار دمشق ومكتبة اطلس دمشق 1975 ص » 91« .‏
2- احمد فايز الحمصي قلعة المرقب منشورات المديرية العامة للآثار والمتاحف دمشق 1982 ص » 13« .‏
3- فولفغانغ » مولر « فينر القلاع ايام الحروب الصليبية ترجمة العميد محمد وحيد الجلاد دمشق 1982 ص » 71« .‏
4- ذكية حنا القلاع والمواقع الاثرية في محافظة طرطوس مطابع الف باء الاديب دمشق ص » 39-40« .‏
5- احمد فايز الحمصي قلعة المرقب منشورات المديرية العامة للآثار والمتاحف دمشق 1982 ص » 10-12« .‏
6- اكرم ساطع القلاع والحصون الاثرية في سوريا دار دمشق ومكتبة اطلس دمشق 1975 ص» 94« .‏
7- احمد فايز الحمصي قلعة المرقب منشورات المديرية العامة للآثار والمتاحف دمشق 1982 ص » 23« .‏
8- م. مروان حسن وثائق دائرة اثار طرطوس 2005 .‏