مجموعة قصصية مأسآه انسانية
عالم شباب سوريا :: المشاركات :: قصة
صفحة 1 من اصل 1
مجموعة قصصية مأسآه انسانية
مجموعة قصصية جمعتها، كتبتها لكم
منتقاة من زاوية (مآسٍ إنسانية) من أعداد مختلفة من مجلة بنات اليوم وهي ملحق مجاني مع مجلة (نون)
(1)
كنت شريكته
في
الإجرام
داهمني الزواج وأنا لمأطوِ بعد سنوات المراهقة بعنفوانها ورقة شعورها وأحلامها وتهورها، وقلة تعقلهاوحكمتها، عاد من بلاد الغربة وهو يحلم بالزواج من فتاة شابة صغيرة جميلة تحبهومن أسرة مثقفة منفتحة تقبل به دون تردد.. فوجد كل تلك الصفات متوافرة لديَّ،يتوجها الجمال الفاتن والابتسامة الرائعة، فدخلت قلبه آمنة مطمئنة، وتسلل هوإلى فؤادي كأول فارس أحلام ووجد قلبي خالياً فتمكن منه.
لم يكن ينقصه المال ولا الشباب ولا الوسامة، بل كان كلاناينقصه الوعي والتعقل والتجربة، والنظرة الواقعية لحياتنا الزوجية.. ولكن آه.. حيث لا ينفع الندم.. قلب الشباب إذا لم يملؤه نور الإيمان تسللت إليه وساوسالشيطان، وعربدت فيه ألوان المكر والعدوان.. وهذا حال عروسين جديدين صغيرين،وجدا الدار الواسعة والمال والخادمة والسيارة الفارهة، وأحاطت بهما شلة منالأشرار، وأصحاب المزاج والطرب واللهو والسهر.
لا تستغربوا هذا واقع كثير من الناس في كثير من الدول، ولكنحمى الله ديارنا وأرضنا، فمن ابتلي منهم لا يعترف بخطئه، وقد لا يُصلح نفسه أويقوّم إعوجاجه.. وكحال مثل هذه النماذج، فقد وقعت فريسة أو قل ضحية لمثل هذهالسلوكيات.. ولا يخفى عليكم كيف أن الكثير من العائدين من بلاد الغرب يكونوا قددرجوا على سلوكيات وأخلاقيات غريبة ومنافية لأخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا. إلامن رحم ربي. ومنها شرب الخمر وتعاطي المخدرات، ومخالطة النساء، وحضور سهراتالرقص والطرب، وعادة ما يتعلمها البعض في مرحلة الشباب خلال فترة الدراسةوغالباً ما يتخلى عنها البعض لدى عودتهم إلى أرضنا الطاهرة التي لا توفر لهممثل هذه الأشياء.
لكن زوجي – رحمه الله وغفر له – جاء حين عودته للزواجوالاستقرار، وهو يصطحب كل تلك العادات والسلوكيات، ووجدني ليّنة العود ومحبة لهطائعة مفتونة به فطوعني على مزاجه كما يريد.. فكان منزلنا مليء بجميع الأجهزةمن تلفزيون إلى فيديو إلى آخره، وكذلك يضم أشرطة فيديو من كل ما يخطر بالبالوما لا يخطر بالبال.. كان طموحه أن يجعلني أقبل بواقعه، وأرضى بتصرفاته ولاأحدُّ من حريته.. ولكن للأسف الشديد.. المسألة فلتت وتخطت الحد المتوقع.. كانكثير السهر مع شلة الأنس الذين هم من شاكلته.. وهم ندماؤه.. وكنت أمضي جُلَّوقتي مع هذه الأجهزة ومشاهدة ما يليق وما لا يليق من أشرطة الفيديو، حتى أدمنتهذه الأشياء فصرت أمضي النهار نوماً.. وهو في العمل.. والليل مشاهدة للأفلاموهو مع أصحابه.. وقليلاً ما كنا نجد وقتاً يجمعنا سوياً للمؤانسة.. كان يجدمتعته وسعادته مع أصدقائه ومزاجه.. ولا يحس بحاجة شديدة إليَّ، لكنني كنت أحتاجإليه كثيراً، ولا أجده، بل أجد الخادمة إلى جواري وهي تراقب مزاجي، وذوقي فيمشاهدة الأفلام، وتقدم لي عروضها (ماما إنت يبغى شريط سيم سيم؟) فأومئ برأسينعم!!
وفي اليوم الثاني يكون معي أحدث الأشرطة من النوع (إياه) فزاد أدماني وزاد قلقي، وزادت وحشتي ووحدتي، وبعد أن أنجبنا الابن الأول، صرتأتسلى معه بعض الشيء وكثرت مشاويري إلى أهلي، إلى المركز الصحي، إلى السوق،فجلب لي سائقاً أجنبياً، صار يرافقني أكثر من زوجي، ويقوم بإحضار كل متطلباتالبيت من الأسواق، وأصبح ملازماً للبيت في الوقت الذي كان زوجي لا يمكث فيالبيت إلا قليلاً من الوقت، وما يلبث أن يخرج بحثاً عن الشلة والمزاج والأنسوالسهر والطرب، وأنا وصغيري، والخادمة والسائق نسامر بعضنا.. كان السائق شاباًوسيماً لكنه في بادئ الأمر كان مؤدباً ومحترماً.. غير أن الخادمة – لعنها الله – دفعته إلى مراودتي في وقت كنت أحوج ما أكون فيه إلى وجود زوجي بجواري بآخرالليل، وبعد أن أكون قد فرغت من مشاهدة بعض الأفلام التي تحرك الغرائز وتثيرالأعصاب.. كنت كالشجرة الصغيرة رفيعة الساق، في وجه الإعصار الكاسح، لم أستطعالصمود كثيراً، بل انهارت قواي، واقتلعني الإعصار من جذوري، ودخلت في دوامةأخرى هي أسوأ بكثير من حالة الإدمان والضياع التي كنت فيها والتي يعيشها زوجي،أنجبنا البنت ونحن ما زلنا على ذات الحالة، فكبر الأبناء بعد أن أنجبنا طفلينآخرين، ونحن منغمسان في ذلك الواقع المرير، وذلك المستنقع الآسن، ولكن للأسفتحول منزلنا إلى فوضى وأصبحت أسرتنا مفككة، من الطبيعي أن يجد الابن والده يجلسعلى انفراد مع الخادمة، أو يجد السائق يتحدث مع أمه، وكذلك البنت وهي على عتباتمرحلة المراهقة، كما أن الخادمة وجدت الأجواء المناسبة لابتزازنا ومحاولةالتأثير على ابننا الأكبر، وجره إلى مهاوي الردى، وقد استفقت من هذه الغفوةمؤخراً.. وبعد فوات الأوان التفت حولي فوجدت منزلنا غريباً، وكل السلوكياتالدائرة فيه لا تمت لأسرتنا بصلة، لا لعاداتنا أو تقاليدنا التي جبلنا عليها.. فأول ما قمت به غيّرت السائق والخادمة واستغنيت عن السائق وبدلنا الخادمة بأخرىجديدة.. ولكن بعد ماذا.. بعد أن لاحظت ابني يتعاطى السجائر، وابنتي تكثر منالمكالمات الهاتفية ولكن مع مَنْ؟ الله أعلم.
وبينما نحن نعيش هذه المأساة وتداعياتها الخطيرة والمثيرةفي آن واحد، مات زوجي بعد مصارعة للمرض فترة طويلة وترك لي أربعة من الأولادوالبنات، منهم ولد في سن المراهقة، وبنت على مدخل مرحلة المراهلة، وترك ليمخلفات تجربة زواج مثيرة وغريبة ومليئة بالحرمان والانحراف والإجرام، صار وجهيشاحباً كأنني بنت الخمسين وأنا ما زلت في بداية الثلاثينيات، السهر وإدمانمشاهدة الأشرطة الإباحية خطف نضارة وجهي، ورونق عيوني وأتلف أعصابي، وجعلني لاأبدو في سني الحقيقية، بل أثر على تفكيري وتعاملي مع الغير، حتى الأهل والجيرانصاروا ينظرون إلينا كأسرة منحرفة، فيمنعون أبناءهم من مخالطة أبنائنا، ويحذرونمن زيارتنا أو من خلق أي نوع من العلاقات معنا.. صرنا محصورين حول أنفسنا أوالاختلاط بمن هم أسوأ منا.. نعم استيقظت على ركام أسرة جرفها (تسونامي) السلوكيات السيئة والإهمال، وسوء التربية، حيث ترعرع أبناؤنا في كنف أسرة تفتقدأبسط أساسيات الترابط والاستقرار والتماسك.
لا أستطيع أن ألوم زوجي (رحمه الله) في كل الذي جرى لناوسيجري – ستر الله عليهم – لأنني كنت شريكته في كل الذي حدث، لأنني لم أقف فيوجهه وأقول له هذا خطأ، وهذا حرام، وهذا مخالف، بل انجرفت وراءه بزعم حبهوطاعته، وانسقت وراء متعة اللحظة العابرة التي خلفت بعدها ندماً شديداً سيبقىأبد الدهر.. وبقدر ما كنت أستمتع باللحظات الغادرة وأمضي في غيي سادرة ها أناذي أسكب العَبَرَات والدموع، ولكن على ماذا.. على اللبن المهراق، حيث لا ينفعالندم.. دمرت بيتي، وأبنائي، وسمعتي وشبابي بعدم التعقل، وتنكب طريق الهلاكومجانبة الحق والبعد عن تحكيم العقل والإيمان، إنها والله جريمة لا يغفرهاالتاريخ.. أسأل الخالق وحده أن يغفر لي ويردني إليه رداً جميلاً.
**
المرجع: مجلة بنات اليوم العدد (4)
--------------------------------------------------------------------------------
(2)
وانفرطعقد الأسرة
نتيجة
غفلةمني!
لم أكن أدرك أنني أغرس خنجراً في خاصرة الأسرة،حينما رأيت ابني الوحيديتعاطى التدخين،وتغافلت عن ذلك حتى لا يضربه والده؛ على أمل أن يترك ذلك السلوك،وأخذتني العاطفة وتغاضيت عنه، حتى تم استدراجه من قبل مجموعة الشر التييصاحبها إلى تجريب المخدر بحجة أنه مجرد منبه ومنشط أيام الاختبارات
وليت المسألة وقفت عند هذا الحد
بل تعدت ذلك بكثير
حيث أصبح ابنيمدمن مخدرات،ولاحظت ذلك من خلال عينيه الحمراوين دائما وشروده الذهني، وعدم المبالاة فيتصرفاته، بل وظهور التبلد في سلوكه
حتى أخته (الشابة) لم يعد يحفل بأمرها ماذا تلبس، أينتذهب، من هن صديقاتها؟؟..
كل هذه الأمور لم تعد تهمه، على الرغم من أن مسؤوليتهتضاعفت بعد موت والده في حادث سير مما ضاعف مسؤولياتي وهمومي.
لم أتعود على استخدام القوة أو الشدة معه، بل اعتاد هوأن يأسرني بحديث عاطفي لينتزع مني ما يريده
صرت أبدو أمامه طيبة أكثر من اللازم
انفرط عقد النظام والانضباط داخل البيت
صار مجلسه ملتقى لشلة الهوى، حيث أصبح أصدقاؤه يرتادونمنزلنا؛ بحثاً عنه وحرصاً على ملاقاته بشكل يومي، وهذا أتاح الفرصة لأن يرىبعضهم ابنتي التي في بداية سن الشباب، وهو غير مكترث لذلك.. بل جميعنا لميكن يخطر ببالنا ما حدث،
في ظل هذا الوضع ضاعت الدراسة وانحدر مستواه التعليميإلى درجات سحيقة بعد أن كان قبلها من الأوائل، فتحدثت معه كثيراً دون جدوى،ويبدو أنه قد تخطى مرحلة التأثر بالنصح والتوجيه؛ لأنه كان متأخراً جداً
حاولت معه كل الأساليب لإقناعه بالابتعاد عن تلكالمجموعة، وكانت حجته في كل مرة أن هؤلاء من خيرة الأصدقاء وأنهم يحبونهولا يرضون له السوء، ولا يستطيعون البعد عنه، أو يتحملون غيابه
كان بعض من العبارات تحمل سحراً يدغدغ عاطفتي فتنطفئثورتي وأترك النقاش في الموضوع
حتى توسعت دائرة الحريق في المنزل حين استطاع أحدأصدقائه أن يرى ابنتي حينما فتحت له الباب، حيث جاء يسأل عن أخيها،فأعجبته، وتحصل على رقم الهاتف وصار يحادثها هاتفياً، محاولاً إقناعها بأنهيحبها ويسعى للزواج منها.
لم يكن تصديق ابنتي وانسياقها وراء وعوده البراقة بأضعفمن محاولة مراقبتي لها، ولم يكن أخوها أكثر حرصاً عليها من حرصه علىمجموعته ومزاجه وهواه
ورغم خوفي الشديد عليهما، وحذري من ذلك الشاب وتلكالمجموعة، فقد تسلل حديث الشاب المعسول إلى قلبها، وصارت تعيش تحت تأثيرأوهامه، وتخديره، ولم أستطع إقناعها بخطورة الطريق الذي تسير فيه، لاحظتهاأكثر من مرة تحادث ذلك الشاب عبر الهاتف، وعندما أسألها تنكر، وتدعي أنهاتكلم إحدى صديقاتها، فأصبحت أمام مصيبتين، كلاهما أشر من الأخرى، الكذب وهومفتاح كل شر، والأخرى إقامة علاقة عاطفية مع شاب سيىء وفاشل
أما أخوها فقد انجرف في هذا الطريق بعد أن أكملالثانوية دون الحصول على معدل يدخله أي كلية أو معهد، ولا حتى وظيفة، فظليلازم شلة السوء، حتى وضعته الجهات الأمنية تحت المراقبة المستمرة
وكان في كل ليلة يعود إلى المنزل قبيل الفجر يتثاءب.. ثم يواصل النوم حتى الظهر
وفي إحدى الليالي لم يأت في موعده المحدد، بل لم نسمعوقع خطواته كالمعتاد حتى الفجر، فأصابني القلق ولم أذق طعم النوم تلكالليلة
ولكن في الساعات الأولى من الصباح رن جرس الهاتف وكانفي الطرف الآخر أحد رفقاء ابني الذي علم أن مكافحة المخدرات ألقت القبض علىمجموعة من المدمنين والمروجين ومن بينهم ابني
لم تكن ابنتي تعلم أن أخاها مدمن ولا حتى أصدقاؤه،فأصيبت بصدمة عند سماعها نبأ القبض على صديق أخيها الذي أوهمها بالحبوالزواج
أما أبنائي الصغار فكانت أسئلتهم عن أخيهم أكبر من أنأجيب عليها إجابة مقنعة
وهكذا تهاوت الأسرة
أب غيَّبه الموت
وأم عجزت..
بل تهاونت في تحمل المسؤولية
وتساهلت للحد الذي جعل الأبناء ينحرفون
وابن في السجن بسبب المخدرات
وبنت تجاوزت كل الأعراف والقيم والدين والأخلاق وأتاحتالفرصة لأحد الشباب أن يغازلها ويلعب بعقلها
وصغار مندهشون مما يجري ولا يجدون له تفسيراً، ولا يعرفأحد كيف يكون مستقبلهم ومصيرهم؟!!
البداية كانت خاطئة، لذلك أنتجت هذه النهاية المأساويةالمحزنة
وكل ذلك بسبب التساهل والتهاون في أمور هي منصميم الدين
فأنا الآن نادمة كل الندم.. ولكن بعد ماذا؟!!
بعد أن حدث الذي كنا نخشاه، حيث لا ينفع الندم.
وأنا التي تسببت في كل ذلك، وأرجو الله أن يسامحني.
**
المرجع: مجلة بنات اليوم العدد (9)
نورا. ع
http://www.al-manal.com/artical-11557.html
منتقاة من زاوية (مآسٍ إنسانية) من أعداد مختلفة من مجلة بنات اليوم وهي ملحق مجاني مع مجلة (نون)
(1)
كنت شريكته
في
الإجرام
داهمني الزواج وأنا لمأطوِ بعد سنوات المراهقة بعنفوانها ورقة شعورها وأحلامها وتهورها، وقلة تعقلهاوحكمتها، عاد من بلاد الغربة وهو يحلم بالزواج من فتاة شابة صغيرة جميلة تحبهومن أسرة مثقفة منفتحة تقبل به دون تردد.. فوجد كل تلك الصفات متوافرة لديَّ،يتوجها الجمال الفاتن والابتسامة الرائعة، فدخلت قلبه آمنة مطمئنة، وتسلل هوإلى فؤادي كأول فارس أحلام ووجد قلبي خالياً فتمكن منه.
لم يكن ينقصه المال ولا الشباب ولا الوسامة، بل كان كلاناينقصه الوعي والتعقل والتجربة، والنظرة الواقعية لحياتنا الزوجية.. ولكن آه.. حيث لا ينفع الندم.. قلب الشباب إذا لم يملؤه نور الإيمان تسللت إليه وساوسالشيطان، وعربدت فيه ألوان المكر والعدوان.. وهذا حال عروسين جديدين صغيرين،وجدا الدار الواسعة والمال والخادمة والسيارة الفارهة، وأحاطت بهما شلة منالأشرار، وأصحاب المزاج والطرب واللهو والسهر.
لا تستغربوا هذا واقع كثير من الناس في كثير من الدول، ولكنحمى الله ديارنا وأرضنا، فمن ابتلي منهم لا يعترف بخطئه، وقد لا يُصلح نفسه أويقوّم إعوجاجه.. وكحال مثل هذه النماذج، فقد وقعت فريسة أو قل ضحية لمثل هذهالسلوكيات.. ولا يخفى عليكم كيف أن الكثير من العائدين من بلاد الغرب يكونوا قددرجوا على سلوكيات وأخلاقيات غريبة ومنافية لأخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا. إلامن رحم ربي. ومنها شرب الخمر وتعاطي المخدرات، ومخالطة النساء، وحضور سهراتالرقص والطرب، وعادة ما يتعلمها البعض في مرحلة الشباب خلال فترة الدراسةوغالباً ما يتخلى عنها البعض لدى عودتهم إلى أرضنا الطاهرة التي لا توفر لهممثل هذه الأشياء.
لكن زوجي – رحمه الله وغفر له – جاء حين عودته للزواجوالاستقرار، وهو يصطحب كل تلك العادات والسلوكيات، ووجدني ليّنة العود ومحبة لهطائعة مفتونة به فطوعني على مزاجه كما يريد.. فكان منزلنا مليء بجميع الأجهزةمن تلفزيون إلى فيديو إلى آخره، وكذلك يضم أشرطة فيديو من كل ما يخطر بالبالوما لا يخطر بالبال.. كان طموحه أن يجعلني أقبل بواقعه، وأرضى بتصرفاته ولاأحدُّ من حريته.. ولكن للأسف الشديد.. المسألة فلتت وتخطت الحد المتوقع.. كانكثير السهر مع شلة الأنس الذين هم من شاكلته.. وهم ندماؤه.. وكنت أمضي جُلَّوقتي مع هذه الأجهزة ومشاهدة ما يليق وما لا يليق من أشرطة الفيديو، حتى أدمنتهذه الأشياء فصرت أمضي النهار نوماً.. وهو في العمل.. والليل مشاهدة للأفلاموهو مع أصحابه.. وقليلاً ما كنا نجد وقتاً يجمعنا سوياً للمؤانسة.. كان يجدمتعته وسعادته مع أصدقائه ومزاجه.. ولا يحس بحاجة شديدة إليَّ، لكنني كنت أحتاجإليه كثيراً، ولا أجده، بل أجد الخادمة إلى جواري وهي تراقب مزاجي، وذوقي فيمشاهدة الأفلام، وتقدم لي عروضها (ماما إنت يبغى شريط سيم سيم؟) فأومئ برأسينعم!!
وفي اليوم الثاني يكون معي أحدث الأشرطة من النوع (إياه) فزاد أدماني وزاد قلقي، وزادت وحشتي ووحدتي، وبعد أن أنجبنا الابن الأول، صرتأتسلى معه بعض الشيء وكثرت مشاويري إلى أهلي، إلى المركز الصحي، إلى السوق،فجلب لي سائقاً أجنبياً، صار يرافقني أكثر من زوجي، ويقوم بإحضار كل متطلباتالبيت من الأسواق، وأصبح ملازماً للبيت في الوقت الذي كان زوجي لا يمكث فيالبيت إلا قليلاً من الوقت، وما يلبث أن يخرج بحثاً عن الشلة والمزاج والأنسوالسهر والطرب، وأنا وصغيري، والخادمة والسائق نسامر بعضنا.. كان السائق شاباًوسيماً لكنه في بادئ الأمر كان مؤدباً ومحترماً.. غير أن الخادمة – لعنها الله – دفعته إلى مراودتي في وقت كنت أحوج ما أكون فيه إلى وجود زوجي بجواري بآخرالليل، وبعد أن أكون قد فرغت من مشاهدة بعض الأفلام التي تحرك الغرائز وتثيرالأعصاب.. كنت كالشجرة الصغيرة رفيعة الساق، في وجه الإعصار الكاسح، لم أستطعالصمود كثيراً، بل انهارت قواي، واقتلعني الإعصار من جذوري، ودخلت في دوامةأخرى هي أسوأ بكثير من حالة الإدمان والضياع التي كنت فيها والتي يعيشها زوجي،أنجبنا البنت ونحن ما زلنا على ذات الحالة، فكبر الأبناء بعد أن أنجبنا طفلينآخرين، ونحن منغمسان في ذلك الواقع المرير، وذلك المستنقع الآسن، ولكن للأسفتحول منزلنا إلى فوضى وأصبحت أسرتنا مفككة، من الطبيعي أن يجد الابن والده يجلسعلى انفراد مع الخادمة، أو يجد السائق يتحدث مع أمه، وكذلك البنت وهي على عتباتمرحلة المراهقة، كما أن الخادمة وجدت الأجواء المناسبة لابتزازنا ومحاولةالتأثير على ابننا الأكبر، وجره إلى مهاوي الردى، وقد استفقت من هذه الغفوةمؤخراً.. وبعد فوات الأوان التفت حولي فوجدت منزلنا غريباً، وكل السلوكياتالدائرة فيه لا تمت لأسرتنا بصلة، لا لعاداتنا أو تقاليدنا التي جبلنا عليها.. فأول ما قمت به غيّرت السائق والخادمة واستغنيت عن السائق وبدلنا الخادمة بأخرىجديدة.. ولكن بعد ماذا.. بعد أن لاحظت ابني يتعاطى السجائر، وابنتي تكثر منالمكالمات الهاتفية ولكن مع مَنْ؟ الله أعلم.
وبينما نحن نعيش هذه المأساة وتداعياتها الخطيرة والمثيرةفي آن واحد، مات زوجي بعد مصارعة للمرض فترة طويلة وترك لي أربعة من الأولادوالبنات، منهم ولد في سن المراهقة، وبنت على مدخل مرحلة المراهلة، وترك ليمخلفات تجربة زواج مثيرة وغريبة ومليئة بالحرمان والانحراف والإجرام، صار وجهيشاحباً كأنني بنت الخمسين وأنا ما زلت في بداية الثلاثينيات، السهر وإدمانمشاهدة الأشرطة الإباحية خطف نضارة وجهي، ورونق عيوني وأتلف أعصابي، وجعلني لاأبدو في سني الحقيقية، بل أثر على تفكيري وتعاملي مع الغير، حتى الأهل والجيرانصاروا ينظرون إلينا كأسرة منحرفة، فيمنعون أبناءهم من مخالطة أبنائنا، ويحذرونمن زيارتنا أو من خلق أي نوع من العلاقات معنا.. صرنا محصورين حول أنفسنا أوالاختلاط بمن هم أسوأ منا.. نعم استيقظت على ركام أسرة جرفها (تسونامي) السلوكيات السيئة والإهمال، وسوء التربية، حيث ترعرع أبناؤنا في كنف أسرة تفتقدأبسط أساسيات الترابط والاستقرار والتماسك.
لا أستطيع أن ألوم زوجي (رحمه الله) في كل الذي جرى لناوسيجري – ستر الله عليهم – لأنني كنت شريكته في كل الذي حدث، لأنني لم أقف فيوجهه وأقول له هذا خطأ، وهذا حرام، وهذا مخالف، بل انجرفت وراءه بزعم حبهوطاعته، وانسقت وراء متعة اللحظة العابرة التي خلفت بعدها ندماً شديداً سيبقىأبد الدهر.. وبقدر ما كنت أستمتع باللحظات الغادرة وأمضي في غيي سادرة ها أناذي أسكب العَبَرَات والدموع، ولكن على ماذا.. على اللبن المهراق، حيث لا ينفعالندم.. دمرت بيتي، وأبنائي، وسمعتي وشبابي بعدم التعقل، وتنكب طريق الهلاكومجانبة الحق والبعد عن تحكيم العقل والإيمان، إنها والله جريمة لا يغفرهاالتاريخ.. أسأل الخالق وحده أن يغفر لي ويردني إليه رداً جميلاً.
**
المرجع: مجلة بنات اليوم العدد (4)
--------------------------------------------------------------------------------
(2)
وانفرطعقد الأسرة
نتيجة
غفلةمني!
لم أكن أدرك أنني أغرس خنجراً في خاصرة الأسرة،حينما رأيت ابني الوحيديتعاطى التدخين،وتغافلت عن ذلك حتى لا يضربه والده؛ على أمل أن يترك ذلك السلوك،وأخذتني العاطفة وتغاضيت عنه، حتى تم استدراجه من قبل مجموعة الشر التييصاحبها إلى تجريب المخدر بحجة أنه مجرد منبه ومنشط أيام الاختبارات
وليت المسألة وقفت عند هذا الحد
بل تعدت ذلك بكثير
حيث أصبح ابنيمدمن مخدرات،ولاحظت ذلك من خلال عينيه الحمراوين دائما وشروده الذهني، وعدم المبالاة فيتصرفاته، بل وظهور التبلد في سلوكه
حتى أخته (الشابة) لم يعد يحفل بأمرها ماذا تلبس، أينتذهب، من هن صديقاتها؟؟..
كل هذه الأمور لم تعد تهمه، على الرغم من أن مسؤوليتهتضاعفت بعد موت والده في حادث سير مما ضاعف مسؤولياتي وهمومي.
لم أتعود على استخدام القوة أو الشدة معه، بل اعتاد هوأن يأسرني بحديث عاطفي لينتزع مني ما يريده
صرت أبدو أمامه طيبة أكثر من اللازم
انفرط عقد النظام والانضباط داخل البيت
صار مجلسه ملتقى لشلة الهوى، حيث أصبح أصدقاؤه يرتادونمنزلنا؛ بحثاً عنه وحرصاً على ملاقاته بشكل يومي، وهذا أتاح الفرصة لأن يرىبعضهم ابنتي التي في بداية سن الشباب، وهو غير مكترث لذلك.. بل جميعنا لميكن يخطر ببالنا ما حدث،
في ظل هذا الوضع ضاعت الدراسة وانحدر مستواه التعليميإلى درجات سحيقة بعد أن كان قبلها من الأوائل، فتحدثت معه كثيراً دون جدوى،ويبدو أنه قد تخطى مرحلة التأثر بالنصح والتوجيه؛ لأنه كان متأخراً جداً
حاولت معه كل الأساليب لإقناعه بالابتعاد عن تلكالمجموعة، وكانت حجته في كل مرة أن هؤلاء من خيرة الأصدقاء وأنهم يحبونهولا يرضون له السوء، ولا يستطيعون البعد عنه، أو يتحملون غيابه
كان بعض من العبارات تحمل سحراً يدغدغ عاطفتي فتنطفئثورتي وأترك النقاش في الموضوع
حتى توسعت دائرة الحريق في المنزل حين استطاع أحدأصدقائه أن يرى ابنتي حينما فتحت له الباب، حيث جاء يسأل عن أخيها،فأعجبته، وتحصل على رقم الهاتف وصار يحادثها هاتفياً، محاولاً إقناعها بأنهيحبها ويسعى للزواج منها.
لم يكن تصديق ابنتي وانسياقها وراء وعوده البراقة بأضعفمن محاولة مراقبتي لها، ولم يكن أخوها أكثر حرصاً عليها من حرصه علىمجموعته ومزاجه وهواه
ورغم خوفي الشديد عليهما، وحذري من ذلك الشاب وتلكالمجموعة، فقد تسلل حديث الشاب المعسول إلى قلبها، وصارت تعيش تحت تأثيرأوهامه، وتخديره، ولم أستطع إقناعها بخطورة الطريق الذي تسير فيه، لاحظتهاأكثر من مرة تحادث ذلك الشاب عبر الهاتف، وعندما أسألها تنكر، وتدعي أنهاتكلم إحدى صديقاتها، فأصبحت أمام مصيبتين، كلاهما أشر من الأخرى، الكذب وهومفتاح كل شر، والأخرى إقامة علاقة عاطفية مع شاب سيىء وفاشل
أما أخوها فقد انجرف في هذا الطريق بعد أن أكملالثانوية دون الحصول على معدل يدخله أي كلية أو معهد، ولا حتى وظيفة، فظليلازم شلة السوء، حتى وضعته الجهات الأمنية تحت المراقبة المستمرة
وكان في كل ليلة يعود إلى المنزل قبيل الفجر يتثاءب.. ثم يواصل النوم حتى الظهر
وفي إحدى الليالي لم يأت في موعده المحدد، بل لم نسمعوقع خطواته كالمعتاد حتى الفجر، فأصابني القلق ولم أذق طعم النوم تلكالليلة
ولكن في الساعات الأولى من الصباح رن جرس الهاتف وكانفي الطرف الآخر أحد رفقاء ابني الذي علم أن مكافحة المخدرات ألقت القبض علىمجموعة من المدمنين والمروجين ومن بينهم ابني
لم تكن ابنتي تعلم أن أخاها مدمن ولا حتى أصدقاؤه،فأصيبت بصدمة عند سماعها نبأ القبض على صديق أخيها الذي أوهمها بالحبوالزواج
أما أبنائي الصغار فكانت أسئلتهم عن أخيهم أكبر من أنأجيب عليها إجابة مقنعة
وهكذا تهاوت الأسرة
أب غيَّبه الموت
وأم عجزت..
بل تهاونت في تحمل المسؤولية
وتساهلت للحد الذي جعل الأبناء ينحرفون
وابن في السجن بسبب المخدرات
وبنت تجاوزت كل الأعراف والقيم والدين والأخلاق وأتاحتالفرصة لأحد الشباب أن يغازلها ويلعب بعقلها
وصغار مندهشون مما يجري ولا يجدون له تفسيراً، ولا يعرفأحد كيف يكون مستقبلهم ومصيرهم؟!!
البداية كانت خاطئة، لذلك أنتجت هذه النهاية المأساويةالمحزنة
وكل ذلك بسبب التساهل والتهاون في أمور هي منصميم الدين
فأنا الآن نادمة كل الندم.. ولكن بعد ماذا؟!!
بعد أن حدث الذي كنا نخشاه، حيث لا ينفع الندم.
وأنا التي تسببت في كل ذلك، وأرجو الله أن يسامحني.
**
المرجع: مجلة بنات اليوم العدد (9)
نورا. ع
http://www.al-manal.com/artical-11557.html
عالم شباب سوريا :: المشاركات :: قصة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى